---- ---

العلاقة بين البيداغوجيا والديداكتيك وعلوم التربية

الديداكتيك وعلوم التربية

البيداغوجية la pédagogie أصلها ومفهومها

تنحدر كلمة بيداغوجيا من أصل يوناني وتنقسم إلى قسمين يتمثلان في: Péda والتي تعنى الطفل الصغير والقسم الثاني Agôgé والتي تعني الإرشاد أو القيادة بمعناها اللغوي. ومن هذا الاسم أتى البيداغوجي ويطلق على الشخص الذي أوكلت إليه مهمة رعاية الأطفال وحمايتهم وحراستهم أثناء خروجهم، والأخذ بيدهم. في حين في العهد اليوناني القديم كان العبيد هم من يهتم بهذه الوظيفة. فما هي العلاقة بين البيداغوجيا الديداكتيك وعلوم التربية؟

مفهوم البيداغوجيا

اصطلاحا فقد تم تعريف “بيداغوجيا” وإعطاءها معاني متعددة من هذه التعاريف نذكر:

اعتبار البيداغوجيا استعانت بدراسات علم النفس التربوي وعلم الاجتماع لبناء دراساتها الخاصة وتطبيقها فيما يخص مجال التربية.

البيداغوجيا علم شاسع وشائك يهدف إلى التطبيق العملي للنظريات المختلفة المتوصل بها في مختلف المجالات التي لها علاقة بالتربية ويقوم عليه.

البيداغوجيا نسق يجمع بين العلم والفن والفلسفة والتقنيات لكنه يسير وفق مخطط منظم.

نظرا لتعدد المفاهيم والتعاريف المطروحة حول مفهوم البيداغوجيا، بالإضافة إلى صعوبة فهم هذه المفاهيم والوصول إلى مفهوم مضبوط ودقيق لمصطلح البيداغوجيا، فإن هذه المفاهيم المطروحة لا تعد سواء أراء ونقط مهمة لاستخلاص مفهوم للبيداغوجيا لكي يكون شاملا ودقيقا.

لسببين أساسيين يتعذر تحديد مفهوم دقيق ومضبوط وجامع واصطلاحي للبيداغوجيا وهذان السببان هما:

وجود مجموعة متعددة من التعاريف والمعاني المختلفة له.

والسبب الثاني استنباطها معارف ومعلومات من مجالات معرفية متعددة، واختلاطها مع حقول قريبة منها.

ولتجنب الالتباس لجأ المتخصصين إلى استخدام المعجم اللغوي والذي يعطي تعاريف متعددة لمختلف المجالات المختلطة والمتداخلة والمتشابكة فيما بينها ولتبيان الفرق بين البيداغوجيا الديداكتيك. ونتيجة لتعدد العلوم التربوية وانفتاحها وتوقع ظهور المزيد من العلوم التربوية، وكذا الاشتباك الذي يواجه البيداغوجيا في تحديد مفهوم دقيق لها كان لزاما الالتجاء إلى أقرب تعرفين متقاربين والمتكاملين للفظ البيداغوجيا وهذان المفهومان هما:

البيداغوجيا مجال معرفي تربوي بالدرجة الأولى يستمد معارفه ومعلوماته من حقلين مهمين؛ الحقل الفلسفي والحفل السيكولوجي. ويرمي بالأساس إلى توجيه أفعال وسلوكيات الطفل والبالغ وحسن اختيار، وتحديد الأنشطة المزمع القيام بها.

البيداغوجيا دراسة علمية للبيئة التعليمية التعلمية، والأطراف المشاركين في العملية التدريسية من أساتذة وتلاميذ، وكذا الأنشطة النظرية والتطبيقية التي تجرى داخل الفصل الدراسي.

ماذا تعني الديداكتيك la didactique

يقصد بكلمة ديداكتيك لغويا الدرس أو العلم في مفهومها اليوناني والذي يعتبر أصلها. واصطلاحا فكلمة ديداكتيك تعني مجموع المعارف والمعلومات التي تهدف إلى العلم أو التثقيف والمعرفة.

وبحسب الباحثين فكلمة ديداكتيك تعني الدراسة الشاملة والتفصيلية للعملية التعليمية التعلمية. وتهتم بالأساس بمعالجة عملية التدريس من كل الجوانب كما يتطرق إلى حل وضبط مختلف إشكالات وضعيات التعلم وترشيدها.

يقوم الديداكتيك بدراسة المعلم والمتعلم وأجواء العملية التعليمية وتعمل على ضمان ملاءمتها وحسن تفاعلها مع بعضها. ذلك لتحقيق الهدف وراء العملية التعليمية على جميع الأصعدة؛ النفسية، العقلية، والجسدية، والحركية، وتنمية المهارات والمواهب.

وتشمل هذه الدراسة كذلك البحث ومعالجة إشكالات تعليم مختلف المواد المتعددة. ومن هنا برزت مجموعة من المفردات الأخرى؛ كمصطلح “تربية خاصة” أو “الديداكتيك الخاص” أو “ديداكتيك المواد” ويتخصص في دراسة اختلاف المواد الدراسية، ويطبق في معاهد وتكوين أطر التدريس. وفي مقابلها ظهرت “التربية العامة” و “الديداكتيك العام” والذي يعنى بالدراسة الشاملة للسياسات التربوية والقضايا والإشكالات المطروحة في هذا المجال.

تعريف الديداكتيك العام والخاص

وبتعدد المفاهيم وتعقيدها بخصوص الديداكتيك فقد ذهب الدارسين والمهتمين بهذا المجال إلى الفصل في مفهوم الديداكتيك بين مفهومين متقاربين ويكملان بعضهما بشكل جيد وهذا النوعين هما:

الديداكتيك العام: يعمل الديداكتيك العام على تعميم القوانين والمبادئ والقواعد الضرورية التي تجمع بين تدريس جميع المواد دون التمييز بين مادة أو أخرى.

الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك المواد: يقوم الديداكتيك الخاص بالتركيز والعمل على دراسة جميع الطرق والأساليب والآليات المعتمدة في تدريس كل مادة دراسية على حدا.

هذين المفهومين متكاملين متداخلين بينهما بشكل كبير وفي حاجة إلى تكثيف جهود كل علوم التربية والغوص فيها. دراسة كل مادة والتعمق فيها يدفعنا إلى الوصول إلى حقائق متنوعة ومتعددة تكون علمية أو سيكولوجية أو فلسفية اجتماعية أو سيكوسوسيولوجيا إلى غيرها من النظريات …

بالإضافة إلى هذين المفهومين لابد من التركيز أيضا على مجموعة من النقاط الضرورية كبعض الأساليب وتنويع طرق التدريس وكذا التحضير المسبق والدقيق قبل المباشرة بعملية التدريس. كما ينبغي وجود توافق كلي وترابط بين كل ما هو نظري عام وما هو عملي تطبيقي. يجب على كل مدرس ألا يهتم بإيجاد أفضل الطرق والوسائل البسيطة لإلقاء الدروس النظرية فقط بل يتوجب عليه أيضا أن يضمن التوافق بين ما هو نظري وما هو تطبيقي أثناء الفصل الدراسي وأيضا النتائج النهائية وتقييم مدى توافقها.

التحول من البيداغوجيا إلى الديداكتيك

يقوم الباحثون في مجال البيداغوجيا في اعتماد المعارف والنظريات السيكولوجيا دائما في بناء فرضياتهم مثلا فيما يخص النمو العقلي والعاطفي للطفل أو تحركاته وسلوكياته لذا كان لزاما التفريق بين الديداكتيك والبيداغوجيا التجريبية.

وبهذا تكون البيداغوجيا حريصة على الاحتفاظ بمعناها الأصلي كما تبين مختلف الشواهد والإثباتات التاريخية المذكورة سلفا، وقد استعمل لفظ تفكير ديداكتيكي بدل علم الديداكتيك لتبيان هذه النظرية. في حين تم تبني فكرة أن كل فرضية بيداغوجية ولو اعتمد في صياغتها رأي سيكولوجي فهو مقترح ديداكتيكي، فهما مرتبطان ببعضهما بشكل كبير متكاملان. إذن من هذا المنطلق نستنتج أن البيداغوجيا التجريبية ما هي إلا ديداكتيك بدون ابستمولوجيا أي التساؤل عن محتوى التعلم ونوعية المعرفة المرغوب فيها.

وبناء عليه فلا يكفي التساؤل عن كيفية التعلم فقط بل يتوجب إرفاق هذا التساؤل بمجموعة من الأسئلة المكملة له والمتعلقة بماهية الوسائل والطرق والنسق والمناهج المتبعة للحصول على المعرفة، ويمكن تجاوزها إلى تساؤلات أكثر عمقا مثال المتعلقة بالبيئة التعليمية وظروفها ومدى مناسبتها للعملية التعليمية، وبالتالي فلا يجب اعتماد طرح سبل التدريس أو تقديم المقررات وحدها.

علاقة الديداكتيك بعلوم التربية pdf

في الديداكتيك والبيداغوجيا  فقد حاول الباحثون المختصون في هذا المجال تكوين وبناء أبحاثهم ودراساتهم وفق تصورات وتحاليل عقلانية منطقية لمختلف الشكوك والإشكالات المطروحة باستعمال تعاريف ترتكز على ثوابت من الأحكام البيداغوجيا والمفاهيم الابستمولوجيا والسيكولوجية بدل المحاكاة أو الميول التجريبي بهدف الرقي الديداكتيك ليصبح علما قائما بذاته.

لكن كل هذه الإجراءات المتبعة لا تبدو كافية لتحقيق هذا الهدف بل يجب الاستناد كذلك إلى التطبيق التجريبي واستنتاج مدى ملائمة النتائج المحصل عليها نظريا مع نتائج التجارب المطبقة والتقنيات والمناهج المتبعة، وذلك لبناء علم ديداكتيكي يقوم بترشيد وتنظيم الممارسة العلمية التعلمية.

لم يتم الاعتراف الديداكتيك كعلم أو مجال معرفي إلى حدود الستينات من القرن الماضي. حيث تم اعتماد الديداكتيك علما قائما بذاته كسائر العلوم الأخرى، وفرض نفسه بينها ووصل إلى مرتبة متقدمة من النضج والاحترام. واعترفت به المؤسسة الأكاديمية. وتم الرقي الديداكتيك من مجرد فرضيات وأفكار ديداكتيكية بالاستناد إلى معارف ومعلومات مأخوذة من مجالات معرفية وحقول علمية متنوعة كالسيكولوجية إلى علم قائم بذاته باعتماد التجربة والتطبيق العملي لما توصل إليه من نظريات، لكن لا يمكن تجاوز آو نفي الدور المهم الذي قام به الباحثون والعلماء الأوائل في هذا المجال من القرن التاسع عشر وأيضا المعاصرون في سبيل بزوغ هذا العلم والاعتراف به بين باقي العلوم.

تعرف مفهوم علم النفس التربوي

الفرق بين الديداكتيك والبيداغوجيا

بمعنى اخر فالبيداغوجيا تشير إلى علاقة التربية بالمنظومة التعليمية ككل. كما تهتم بالتفاعل الحاصل بين المعلم والمتعلم. في حين ان الديداكتيك يهتم بالعقد التعليمي من جهة ومن جهة اخرى منظومة التعليم وكيفية التعامل بين المعلم والطالب يجب ان يكون رسميا.

بالمقابل فالبيداغوجيا تهتم بالممارسات المهنية، كما تمارس مجموعة من المهام في إطار الاختبارات التعليمية من خلال المتعلم الطالب والمعلم وغياب الاهتمام بالبعد المعرفي لعملية التعلم. الديداكتيك يهتم بإكساب المتعلم المعرفة فقط فضلا على انه يتناول موضوع التعليم من زاوية المعرفة ويهتم بالجانب المنهجي من اجل إسكاب المتعلم المعرفة اللازمة.

بشكل اوضح واسهل فالديداكتيك من جهته يعطي الاهمية ويبحث موضوع العقد التعليمي والمنظومة التعلمية وكيفية تعامل الطالب والمتعلم بشكل رسمي في حين ان البيداغوجيا من جهتها تتأسس وترتكز على التربية في المنظومة التعليمية والتفاعل الحاصل بين الطالب والمعلم.

اخيرا يمكن القول في علاقة الديداكتيك بالبيداغوجيا بأن البيداغوجيا ترتكز على التربية في المنظومة التعليمية وتهتم بالتفاعل بين المعلم والطالب، بينما الديداكتيك تهتم بالعقد التعليمي ومنظومة التعليم والتعامل بين المعلم والطالب يكون تعامل رسمي.

لعملي لما توصل إليه من نظريات، لكن لا يمكن تجاوز آو نفي الدور المهم الذي قام به الباحثون والعلماء الأوائل في هذا المجال من القرن التاسع عشر وأيضا المعاصرون في سبيل بزوغ هذا العلم والاعتراف به بين باقي العلوم.

مواضيع مهمة ذات صلة:

بيداغوجيا الإدماج 

بحث حول بيداغوجيا المشروع 

بيداغوجيا الأهداف 

البيداغوجيا الفارقية 

مقالات ذات صلة