---- ---

وثيقة الاستقلال المغرب 11 يناير 2023

وثيقة الاستقلال المغرب

وثيقة الاستقلال المغربية

يأتي تاريخ ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال المغرب يوم الأربعاء 11 يناير 2023. وفي كل سنة يحتفل المغاربة قاطبة داخل وخارج أرض الوطن بذكرى تقديم وثيقة الاستقلال المغربية أو ما يسمى ببيان 11 يناير 1944، وقد أتخذ يوم 11 يناير من كل سنة يوم عطلة في المملكة المغربية احتفاء بهذه الذكرى المجيدة حيث يتذكر المغاربة مسير الملك والشعب ونضالهما وجهادهما من أجل الحصول على حرية المغرب من بين يدي المستعمر الفرنسي، وكذا التصدي ضد الظهير البربري يوم 28 غشت من سنة 1930، ويعتبر 11 يناير من أهم المحطات التاريخية التي مر منها المغرب للحصول على استقلاله، وتحظى برمزية كبيرة لدى الشعب المغربي.

المسار التاريخي لبيان 11 يناير 1944

قرر صاحب الجلالة الملك محمد الخامس أثناء فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب برفقة أعضاء رجال الحركة الوطنية أنداك باتخاذ خطوة مهمة في مسيرة الكفاح للحصول على الاستقلال وهذه الخطوة تمثلت في تقديم وثيقة الاستقلال المغربية بيان 11 يناير 1944، وقام بتقديمه لمجموعة من السلطات آنذاك بداية من سلطات الحماية الفرنسية بالإضافة إلى المقيم العام غابرييل بيو وسفير الاتحاد السوفيتي بالجزائر الفرنسية وكذا القنصلين العامين لبريطانيا العظمى والولايات المتحدة وإلى الجنرال ديغول.

قبل تقديم وثيقة الاستقلال المغربية إلى الحماية الفرنسية سبقها تقديم مجموعة من العرائض للمطالبة بحقوق المواطنين المغاربة أنداك والتي قوبلت بالرفض مرارا، وأهمها العريضة التي قدمت من طرف كتلة العمل الوطني؛ وثيقة مطالب الشعب المغربي بتاريخ 1 دجنبر 1933، وكانت نتيجتها الحتمية مجموعة من الاعتقالات في صفوف رجال وقادة مختلف الحركات الوطنية وأعضاء المقاومة وبعضهم تعرض للنفي أو الموت، بعد واقعة بو فكران الموثقة عام 1937، وانبثاق أحزاب متعددة جديدة مثل حزب الاستقلال، إضافة إلى حزب الشورى و الاستقلال، حزب الوحدة المغربية.

كما تأسس عام 1943 الحزب الشيوعي. ثم بعد ذلك كان اجتماع أنفا عام 1943 اللقاء الذي طرح فيه السلطان محمد بن يوسف مطالب الشعب المغربي على الرئيس الأمريكي روزفلت أنداك. بعد هذا اللقاء وتحديدا عام 1944 يوم 11 يناير تم اتخاذ قرار تقديم عريضة الاستقلال من طرف رجال المقاومة الوطنية وملك المغرب والتي كانت تبعاتها وخيمة على الشعب المغربي حيث أجابت سلطات الحماية الفرنسية باعتقالات كثيرة في صفوف رجال وقادة الحركة الوطنية فقتل من قتل واعتقل من اعتقل بعد تقديم الوثيقة بأيام قليلة.

وثيقة الاستقلال المغربية 11 يناير 1944

الحمد لله إن حزب الاستقلال الذي يضم أعضاء الحزب الوطني السابق وشخصيات حرة:

حيث إن الدولة المغربية تمتعت دائما بحريتها وسيادتها الوطنية وحافظت على استقلالها طيلة ثلاثة عشر قرنا إلى أن فرض عليها نظام الحماية في ظروف خاصة، وحيث أن الغاية من هذا النظام والمبرر لوجوده هما إدخال الإصلاحات التي يحتاج إليها المغرب في ميادين الإدارة والعدلية والثقافة والاقتصاد والمالية والعسكرية دون أن يمس ذلك بسيادة الشعب المغربي التاريخية ونفوذ جلالة الملك.

وحيث أن سلطات الحماية بدلت هذا النظام بنظام مبني على الحكم المباشر والاستبداد لفائدة الجالية الفرنسية ومنها جيش من الموظفين لا يتوقف المغرب إلا على جزء يسير منه وأنها لم تحاول التوفيق بين مصالح مختلف العناصر في البلاد.

وحيث أن الجالية الفرنسية توصلت بهذا النظام إلى الاستحواذ على مقاليد الحكم واحتكرت خيرات البلاد دون أصحابها وحيث أن هذا النظام حاول بشتى الوسائل تحطيم الوحدة المغربية ومنع المغاربة من المشاركة الفعلية في تسيير شؤون بلادهم ومنعهم من كل حرية خاصة أو عامة وحيث أن الظروف التي يجتازها العالم اليوم هي غير الظروف التي أسست فيها الحماية.

وحيث أن المغرب شارك مشاركة فعالة في الحروب العالمية بجانب الحلفاء وقام رجاله أخيرا بأعمال أثارت إعجاب الجميع في فرنسا وتونس وصقلية وكرسيكا وإيطاليا، وينتظر منهم مشاركة أوسع في ميادين أخرى وبالأخص لمساعدة فرنسا على تحريرها وحيث أن الحلفاء الذين يريقون دماءهم في سبيل الحرية اعترفوا في وثيقة الأطلنتي بحق الشعوب في حكم نفسها بنفسها، وأعلنوا أخيرا في مؤتمر طهران سخطهم على المذهب الذي بمقتضاه يزعم القوي حق الاستيلاء على الضعيف.

وحيث أن الحلفاء أظهروا في شتى المناسبات عطفهم على الشعوب الإسلامية ومنحوا الاستقلال لشعوب منها من هو دون شعبنا في ماضيه وحاضره وحيث أن الأمة المغربية التي تكون وحدة متناسقة الأجزاء تشعر بما لها من الحقوق وما عليها من واجبات داخل البلاد وخارجها تحت رعاية ملكها المحبوب وتقدر حق قدرها الحريات الديمقراطية التي يوافق جوهرها مبادئ ديننا الحنيف والتي كانت الأساس في وضع نظام الحكم بالبلاد الإسلامية الشقيقة.

يقرر ما يأتي:

  • أن يطالب باستقلال المغرب ووحدة ترابه تحت ظل صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى سيدنا محمد بن يوسف نصره الله وأيده.
  • أن يلتمس من جلالته السعي لدى الدول التي يهمها الأمر الاعتراف بهذا الاستقلال وضمانه، ولوضع اتفاقيات تحدد ضمن السيادة المغربية ما للأجانب من مصالح مشروعة.
  • أن يطلب نظام المغرب للدول الموافقة على وثيقة الأطلنتي والمشاركة في مؤتمر الصلح.
  • أن يلتمس من جلالته أن يشمل برعايته حركة الإصلاح الذي يتوقف عليه المغرب في داخله، ويكل لنظره السديد إحداث نظام سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية الإسلامية في الشرق تحفظ فيه حقوق سائر عناصر الشعب المغربي وسائر طبقاته وتحدد فيه واجبات الجميع، والسلام.

حصيلة تقديم وثيقة استقلال المغرب

كان لهذا القرار بالتأكيد مجموعة من النتائج والتبعات على الشعب المغربي وعلى المظهر العام للبلاد من طرف سلطات الحماية الفرنسية، ومن بين هذه النتائج نجرد:

قامت السلطات الفرنسية بالضغط على ملك المغرب السلطان محمد بن يوسف وأمره باعتقال وسجن كافة الموقعين على العريضة واعتبارهم متشددين ومتطرفين مع دفعه للاستنكار وإدانة الوثيقة علانية.

كرد تعسفي على هذه الوثيقة قامت سلطات الحماية بشن حملات سجن واعتقال ونفي وقتل في صفوف مجموعة كبير من رجال وقادة الحركة والوطنية والأحزاب السياسية المغربية، من أهمها اعتقالات في صفوف قادة وأعضاء حزبي الشورى والاستقلال، حزب الاستقلال بحبس أمينه العام أحمد بلافريج وطرد العزيز لحرش من الحزب والقيام باعتقاله، لأنه كان من داعمي الوثيقة والمنددين بأحقية الشعب المغربي بحرية أراضيه، سجن لمدة ثلاث أشهر، كما أنه اتهم بدفعه لعمال البريد على القيام بإضراب ومظاهرات.

بعد هذه السلسلة من الاعتقالات لم يستسلم الشعب المغربي عند هذا الحد، لكنه عبر عن رفضه القاطع بمجموعة من المظاهرات والاحتجاجات وخرج إلى شوارع المملكة، لكن ارتفع عدد ضحايا هذه الاحتجاجات في مدن كثيرة كالدار البيضاء وفاس وسلا والرباط. كما أن محاكم الحماية الفرنسية حكمت على عدد كبير من المقاومين بإحكام قاسية وصلت حد القتل والإعدام.

الأمر الذي دفع الشعب المغربي إلى الزيادة في وتيرة المظاهرات وسبب ذلك غضبا شعبيا عارما بجانب الزيادات في عدد المعتقلين والمسجونين، من أبرزهم المقاومين الذين أمضوا على وثيقة الاستقلال، ولم تنطفئ شعلته حتى حصول المغرب على استقلاله السياسي في الأخير.

مقالات ذات صلة